سورة الأحقاف - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحقاف)


        


قوله تعالى: {وقال الذين كَفَروا للذين آمَنوا...} الآية، في سبب نزولها خمسة أقوال:
أحدها: أن الكفار قالوا: لو كان دين محمد خيراً ما سبقَنا إِليه اليهودُ، فنزلت هذه الآية، قاله مسروق.
والثاني: أن امرأة ضعيفة البَصر أسلمتْ، وكان الأشراف من قريش يهزؤون بها ويقولون: واللهِ لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقتْنا هذه إِليه، فنزلت هذه الآية، قاله أبو الزناد.
والثالث: أن أبا ذر الغفاري أسلم واستجاب به قومه إِلى الإِسلام، فقالت قريش: لو كان خيراً ما سبقونا إِليه، فنزلت هذه الآية، قاله أبو المتوكل.
والرابع: أنه لمّا اهتدت مُزَيْنَةَ وجُهَيْنَةُ وأسلمتْ، قالت أسَد وغَطَفان: لو كان خيراً ما سبقنا إِليه رِعاءُ الشَّاء، يعنون مُزَيْنَةَ وجُهَيْنَةَ، فنزلت هذه الآية، قاله ابن السائب.
والخامس: أن اليهود قالوا: لو كان دين محمد خيراً ما سبقتْمونا إِليه، لأنه لا عِلْمَ لكم بذلك، ولو كان حَقّاً لدخَلْنا فيه، ذكره أبو سليمان الدمشقي. وقال: هو قول مَنْ يقول: إِن الآية نزلت بالمدينة؛ ومن قال: هي مكية، قال: هو قول المشركين. فقد خرج في {الذين كفروا} قولان:
أحدهما: أنهم المشركون.
والثاني: اليهود.
وقوله: {لو كان خيراً} أي: لو كان دين محمد خيراً {ما سَبَقونا إِليه} فمن قال: هم المشركون، قال: أرادوا: إنّا أعَزُّ وأفضل؛ ومن قال: هم اليهود، قال: أرادوا لأنّا أعلم.
قوله تعالى: {وإِذْا لَمْ يَهْتَدُوا به} أي: بالقرآن {فسيقولون هذا إِفّكٌ قديم} أي: كذب متقدِّم، يعنون أساطير الأولين.
{ومِنْ قَبْلِهِ كتابُ موسى} أي: من قَبْلِ القرآن التوراةُ. وفي الكلام محذوف، تقديره: فلَمْ يهتدوا، لأن المشركين لم يهتدوا بالتوراة. {إماماً} قال الزجاج: هو منصوب على الحال {ورحمةً} عطف عليه {وهذا كتابٌ مُصدِّقٌ} المعنى: مصدِّقُ للتوراة {لساناً عربياً} منصوب على الحال؛ المعنى: مصدِّقُ لما بين يديه عربيّاً وذكر {لساناً} توكيداً، كما تقول: جاءني زيد رجلاً صالحاً، تريد: جاءني زيدٌ صالحاً.
قوله تعالى: {لِيُنْذِرَ الذين ظَلَمُوا} قرأ عاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: {لِيُنْذِرَ} بالياء. وقرأ نافع، وابن عامر، ويعقوب: {لِتُنْذِرَ} بالتاء. وعن ابن كثير كالقراءتين. و{الذين ظلموا} المشركين {وبُشرى} أي: وهو بُشرى {للمُحْسِنِينَ} وهم الموحِّدون يبشِّرهم بالجنة.
وما بعد هذا قد تقدم تفسيره [فصلت: 30] إلى قوله: {بوالدَيْه حُسْناً} وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: {إحساناً} بألف.
{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: {كَرْهاً} بفتح الكاف؛ وقرأ الباقون: بضمها. قال الفراء: والنحويُّون يستحبُّون الضَّمَّ هاهنا، ويكرهون الفتح، للعلَّة التي بيَّنّاها عند قوله: {وهُوَ كُرْهٌ لكم} [البقرة: 216]. قال الزجاج: والمعنى حملته على مشقَّة {ووضعتْه} على مشقَّة. {وفِصالُه} أي: فِطامُه.
وقرأ يعقوب {وفَصْلُهُ} بفتح الفاء وسكون الصاد من غير ألف {ثلاثون شهراً} قال ابن عباس: {ووضعتْه كُرْهاً} يريد به شِدَّةَ الطَّلْق. واعلم أن هذه المُدَّة قُدِّرتْ لأقلِّ الحَمْل وأكثرِ الرَّضاع؛ فأمّا الأشُدّ، ففيه أقوال قد تقدَّمت؛ واختار الزجاج أنه بلوغ ثلاث وثلاثين سنة، لأنه وقت كمال الإِنسان في بدنه وقوَّته واستحكام شأنه وتمييزه. وقال ابن قتيبة: أشُدُّ الرجُل غير أشُدِّ اليتيم، لأن أشُدَّ الرجُل: الاكتهال والحُنْكَةُ وأن يشتدَّ رأيُه وعقلُه، وذلك ثلاثون سنة، ويقال: ثمان وثلاثون سنة، وأشُدُّ الغُلام: أن يشتدَّ خَلْقُه ويتناهى نَبَاتُه. وقد ذكرنا بيان الأَشُد في [الانعام: 153] وفي [يوسف: 22] وهذا تحقيقه. واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها نزلتْ في أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه، وذلك أنه صَحِبَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة وهم يريدون الشام في تجارة، فنزلوا منزلاً فيه سِدْرَة، فقعد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في ظِلِّها، ومضى أبو بكر إلى راهب هناك يسأله عن الدين، فقال له: مَن الرَّجُل الذي في ظِلِّ السِّدْرة؟ فقال: ذاك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فقال: هذا واللهِ نبيٌّ وما استَظَلَّ تحتَها أحدٌ بعد عيسى إِلاّ محمدٌ نبيُّ الله، فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق، فكان لا يفارِق رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره وحضره، فلمّا نُبِّئ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة وأبو بكر ابن ثمان وثلاثين سنة صدَّق رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا بلغ أربعين سنة، قال: رب أَوْزِعْني أن أشكُرََ نِعمتَكَ التي أنعمت عليَّ. رواه عطاء عن ابن عباس، وبه قال الأكثرون؛ قالوا: فلما بلغ أبو بكر أربعين سنة، دعا الله عز وجل بما ذكره في هذه الآية، فأجابه الله، فأسلم والداه وأولادُه ذكورُهم وإناثُهم، ولم يجتمع ذلك لغيره من الصحابة.
والقول الثاني: أنها نزلت في سعد بن أبي وقاص، وقد شرحنا قصته في سورة [العنكبوت: 8]، وهذا مذهب الضحاك، والسدي.
والثالث: أنها نزلت على العموم، قاله الحسن. وقد شرحنا في سورة [النمل: 19] معنى قوله: {أوزعني}.
قوله تعالى: {وأن أعمل صالحاً ترضاه} قال ابن عباس: أجابه الله يعني أبا بكر فأعتق تسعةً من المؤمنين كانوا يُعذَّبون في الله عز وجل، ولم يُرِدْ شيئاً من الخير إِلاّ أعانه اللهُ عليه، واستجاب له في ذُرِّيته فآمنوا، {إنِّي تُبْتُ إليك} أي: رَجَعْتَ إِلى كل ما تُحِبُّ.
قوله تعالى: {أولئك الذين نَتقبَّل عنهم أحسنَ ما عَمِلوا ونتجاوز عن سيِّئاتهم} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: {يُتَقَبَّلُ} {ويُتَجَاوَزُ} بالياء المضمومة فيهما.
وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف: {نَتَقَبَّلُ} و{نَتَجَاوَزُ} بالنون فيهما. وقرأ أبو المتوكل، وأبو رجاء، وأبو عمران الجوني: {يَتَقَبَّلُ} و{يَتَجَاوَزُ} بياء مفتوحة فيهما، يعني أهل هذا القول والأحسن بمعنى الحَسَن.
{في أصحاب الجنة} أي: في جملة من يُتجاوز عنهم، وهم أصحاب الجنة. وقيل: {في} بمعنى مع.
{وَعْدَ الصِّدْقِ} قال الزجاج: هو منصوب، لأنه مصدر مؤكِّد لِمَا قَبْله، لأن قوله: {أولئك الذين نَتَقَبَّلُ عنهم} بمعنى الوعد، لأنه وعدهم القبول بقوله: {وَعْدَ الصِّدْقِ}، يؤكِّد ذلك قولُه: {الذين كانوا يُوعَدون} أي: على ألسنة الرُّسل في الدنيا.


قوله تعالى: {والذي قال لوالدَيْه أُفٍّ لكما} قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي. وأبو بكر عن عاصم: {أُفِّ لكما} بالخفض من غير تنوين. وقرأ ابن كثير، وابن عامر: بفتح الفاء. وقرأ نافع، وحفص عن عاصم: {أُفٍّ} بالخفض والتنوين. وقرأ ابن يعمر: {أُفٌّ} بتشديد الفاء مرفوعة منوَّنة. وقرأ حميد، والجحدري: {أُفّاً} بتشديد الفاء وبالنصب والتنوين. وقرأ عمرو بن دينار: {أُفُّ} بتشديد الفاء وبالرفع من غير تنوين. وقرأ أبو المتوكل، وعكرمة، وأبو رجاء: {أُفْ لكما} باسكان الفاء خفيفة. وقرأ أبو العالية، وأبو عمران: {أُفِّيْ} بتشديد الفاء وياءٍ ساكنة مُمالة. وروي عن ابن عباس أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قَبْلَ إِسلامه، كان أبواه يدعُوانه إِلى الإِسلام، وهو يأبى، وعلى هذا جمهور المفسرين. وقد روي عن عائشة أنها كانت تُنْكِر أن تكون الآية نزلت في عبد الرحمن، وتَحْلِفُ على ذلك وتقول: لوشئتُ لسمَّيتُ الذي نزلتْ فيه. قال الزجاج: وقول من قال: إِنها نزلت في عبد الرحمن، باطل بقوله: {أولئك الذين حَقَّ عليهم القَوْلُ} فأعلَمَ اللهُ أن هؤلاء لا يؤمِنون، وعبد الرحمن مؤمِن؛ والتفسير الصحيح أنا نزلت في الكافر العاقِّ. وروي عن مجاهد أنها نزلت في عبد الله بن أبي بكر، وعن الحسن: أنها نزلت في جماعة من كفار قريش قالوا ذلك لآبائهم.
قوله تعالى: {وقد خَلَتِ القُرونُ مِنْ قَبْلِي} فيه قولان:
أحدهما: مضت القُرون فلم يرجع منهم أحد، قاله مقاتل.
والثاني: مضت القُرون مكذِّبة بهذا، قاله أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: {وهما يستغيثان اللهَ} أي: يَدعُوَان اللهَ له بالهدى، ويقولان له: {ويلك آمِن} أي: صدِّق بالبعث، {فيقول ما هذا} الذي تقولان {إِلاّ أساطيرُ الأوَّلين} وقد سبق شرحها [الأنعام: 25].
قوله تعالى: {أولئك} يعني الكفار {الذين حَقَّ عليهم القولُ} أي: وجب عليهم قضاء الله أنهم من أهل النار {في أُمم} أي: مع أُمم. فذكر الله تعالى في الآيتين قَبْلَ هذه مَنْ بَرَّ والدَيْه وعَمِل بوصيَّة الله عز وجل، ثم ذكر مَنْ لم يَعْمَل بالوصيَّة ولم يُطِعْ ربَّه ولا والدَيْه {إِنهم كانوا خاسرِين} وقرأ ابن السميفع، وأبو عمران: {أنَّهم} بفتح الهمزة.
ثم قال: {ولكلٍّ دَرَجاتٌ ممّا عَمِلوا} أي: منازل ومراتب بحسب ما اكتسبوه من إِيمان وكفر، فيتفاضل أهلُ الجنة في الكرامة، وأهل النار في العذاب {ولِيُوُفِّيَهُمْ أعمالَهم} قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو: {ولِيُوَفِّيَهُمْ} بالياء، وقرأ الباقون: بالنون؛ أي: جزاء أعمالهم.
قوله تعالى: {ويومَ يُعْرَضُ} المعنى: واذكُرْ لهم يومَ يُعْرَض {الذين كَفَروا على النّار أذْهَبْتُمْ} أي: ويقال لهم: أذهبتم، قرأ ابن كثير: {آذْهَبْتُمْ} بهمزة مطوَّلة. وقرأ ابن عامر: {أأذْهَبْتُمْ} بهمزتين.
وقرأ نافع، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: {أذْهَبْتُمْ} على الخبر، وهو توبيخ لهم. قال الفراء، والزجاج: العرب توبِّخ بالألف وبغير الألف، فتقول: أذَهَبْتَ وفعلت كذا؟! وذهبتَ ففعلت؟! قال المفسرون: والمراد بطيِّباتهم ما كانوا فيه من اللذَّات مشتغلين بها عن الآخرة مُعرِضين عن شُكرها. ولمّا وبَّخهم اللهُ بذلك، آثر النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصالحون بعدهم اجتنابَ نعيم العيش ولذَّته ليتكامل أجرُهم ولئلا يُلهيَهم عن مَعادهم. وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على خَصَفة وبعضُه على التراب وتحت رأسه وسادة محشوَّة ليفاً، فقال: يا رسول الله: أنتَ نبيُّ الله وصفوتُه، وكسرى وقيصر على سُرُر الذَّهب وفُرُش الدِّيباج والحرير؟! فقال صلى الله عليه وسلم: «يا عمر، إِن أولئك قوم عُجِّلت لهم طيِّباتُهم، وهي وشيكة الانقطاع، وإِنّا أُخِّرتْ لنا طيِّباتُنا» وروى جابر بن عبد الله قال: رأى عمر بن الخطاب لحماُ معلَّقاً في يدي، فقال: ما هذا ياجابر؟ فقلت: اشتهيت لحماً فاشتريتُه، فقال: أوَ كلمَّا اشتّهيت اشتريت يا جابر؟! أما تخاف هذه الآية {أذْهَبْتُم طيِّباتكم في حياتكم الدُّنيا}. وروي عن عمر أنه قيل له: لو أمرتَ أن نصنع لك طعاما ألين من هذا، فقال: إني سمعت الله عيَّر أقواما فقال: {أذْهَبْتُمْ طيِّباتكم في حياتكم الُّدنيا}.
قوله تعالى: {تَسْتَكْبِرونَ في الأرض} أي: تتكبَّرون عن عبادة الله والإِيمان به.


قوله تعالى: {واذْكُرْ أخا عادٍ} يعني هوداً {إِذ أنذَرَ قومَه بالأحقاف} قال الخليل: الأحقاف: الرِّمال العِظام. وقال ابن قتيبة: واحد الأحقاف: حِقْف، وهو من الرَّمْل: ما أشرَفَ من كُثبانه واستطال وانحنى. وقال ابن جرير: هو ما استطال من الرَّمْل ولم يبلُغ أن يكون جَبَلاً.
واختلفوا في المكان الذي سمَّي بهذا الاسم على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه جبل بالشام، قاله ابن عباس، والضحاك.
والثاني: أنه وادٍ، ذكره عطية. وقال مجاهد: هي أرض. وحكى ابن جرير أنه وادٍ بين عُمان ومَهْرة. وقال ابن إِسحاق: كانوا ينزِلون ما بين عُمان وحَضْرَمَوْت واليمن كلُّه.
والثالث: أن الأحقاف: رمال مشرِفة على البحر بأرض يقال لها الشِّحْر، قاله قتادة.
قوله تعالى: {وقد خَلتِ النُّذُرُ} أي: قد مضت الُّرُّسل مِنْ قَبْلِ هود ومِنْ بَعده بإنذار أُممها {ألاّ تعبُدوا إِلاّ اللهَ}؛ والمعنى لم يُبعَث رسولٌ قَبْلَ هود ولا بعده إِلاّ بالأمر بعبادة الله وحده. وهذا كلام اعترض بين إِنذار هود وكلامه لقومه. ثم عاد إِلى كلام هود فقال: {إِنِّي أخافُ عليكم}.
قوله تعالى: {لِتأفِكَنا} أي: لِتَصْرِفَنا عن عبادة آلهتنا بالإِفك.
قوله تعالى: {إِنَّما العِلْمُ عِنْدَ اللهِ} أي: هو يَعْلَم متى يأتيكم العذاب.
{فلمّا رأوْه} يعني ما يوعَدون في قوله: {بما تَعِدُنا} {عارِضاً} أي: سحاب يعرُض من ناحية السماء. قال ابن قتيبة: العارض: السحاب. قال المفسرون: كان المطر قد حُبِس عن عاد، فساق اللهُ إِليهم سحابةً سوداءَ فلمّا رأوها فرحوا و{قالوا هذا عارضٌ مُمْطِرُنا}، فقال لهم هود: {بل هو ما استَعْجَلْتم به}، ثم بيَّن ما هو فقال: {ريح فيها عذابٌ أليمٌ}، فنشأت الرِّيح من تلك السحابة، {تُدمِّر كُلَّ شيء} أي: تُهٍلِك كلَّ شيءٍ مَرَّت به من الناس والدوابّ والأموال. قال عمرو بن ميمون: لقد كانت الرِّيح تحتمل الظّعينة فترفعُها حتى تُرى كأنها جرادة، {فأصبحوا} يعني عاداً {لا يُرَى إلا مَساكنُهم} قرأ عاصم، وحمزة: {لا يُرَى} برفع الياء {إِلاَّ مَسَاكِنُهم} برفع النون. وقرأ علي، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وقتادة، والجحدري: {لا تُرَى} بتاء مضمومة. وقرأ أبو عمران، وابن السميفع: {لا تَرَى} بتاء مفتوحة {إلاّ مسكنهم} على التوحيد وهذا لأن السُّكّان هلكوا فقيل أصبحوا وقد غطتَّهم الرِّيح بالرَّمْل فلا يُرَوْن.

1 | 2 | 3